Vacation & Tourism in Syria

حقيقة 1 نيسان

فكرة التقويم ومعاني اشهر السنة، وأهم عيد عند السوريين القدماء بمختلف أطوارهم كيف تم تحويله ليوم الكذب..

تحل هذة الأيام مجموعة من الأعياد التي ترتبط بالربيع والخصب، ومنها عيد الأم وعيد النيروز وعيدرأس السنة وعيد الرابع.. وهذة الأعياد بمجموعها تمثل أعياد الخصب السورية .

ولقد توارثتها الأقوام والفئات المتنوعة وألبستها قمصانها المحلية، بحيث نسي الناس مع الزمن أصل هذة الأعياد ومعناها… ولماذا تصادف في هذة الأوقات.

إن فكرة التقويم وجدت منذ أيام السومريين وتطورت في المرحلة الأكادية وصولا إلى الفينيقيين الذين نشروها في أرجاء البحر المتوسط ,وعندما وصلت إلى روما تم إقحام أسماء قياصرتهم كيوليوس وأغسطس في التقويم.

لقد رمز السوريون لأمهم عشتار بنجمة الصبح، ومن ashtar جاءت star ومنها …astronomy وظل حبيبها تموز – دوموزي قابعا في كل هذه التقاويم.

والأشهر السورية القديمة(بمختلف أطوارها ) بقيت محافظة على نفس التسميات حتى يومنا هذا مع بعض التعديلات الطفيفة:الأشهر نيسانو، ايارو، سيمانو، تموزو (أو دموزو)، آبو، ألولو (أو أولولو)، تشيرتو، اراشامنا، وكانونو (كسليمو أو كسليفو).طبيتو، شباطو، ادارو.

ولقد كانت السنة تبدأ في نيسان وفي الأول منه .

إن هذة الأسماء مرتبطة بعقيدة الخصب السورية:حيث تبدأ الاحتفالات بشهر الزهر (آذار -نوار)ثم تتوالى إلى شهر الربيع (نيسان)ثم شهر النور(أيار) وشهر الحصاد حزيران -الحنطةومن ثم قيامة (تموز)حبيب عشتار وأولولو حيث يتم البكاء والولولة على تموزبعد أن زال خصبه وقدوم الخريف ونضوب الخصب والخضرة .

و تشريتو قديم و(كانون) الأساس وفحل الشتاء.(طبيتو)شهر الغرق وشهر المطر و(شباطو) الضرب وهبوب الرياح

وكانت هذة الأعياد تبدأ في يوم 21 آذار – شرقي. يوم الاعتدال الربيعي وهو عيد الأم السورية الكبرى عشتار وظل هذا التقليد حتى أيامنا بعيد الأم .

ويسمى هذا العيد بعيد ني-روز كلمة النيروز مؤلفة من مقطعين “ني –روزا” وتعني ربة الزهر وهو من أسماء عشتار

وقد اقترن هذا العيد بعيد عشتار كما ذكرنا وامتداد ذلك بقي إلى يومنا تحت اسم “عيد الأم”.

إن اجتهاد المفسرين، ومحاولة كل فئة نسبة هذة الأعياد لها، يدحضها تاريخ ضارب بالقدم.. حيث أن هذة الأعياد قد وجدت لدى الشعب السوري بمختلف أطوار حضارته وبمراحلها (سومر-أغاد-آشور-أوغاريت, صور-إيبلا-ماري-بابل -تدمر-دمشق-بغداد-الأندلس..) قبل أن تغيب شمس هذة الحضارة منذ عام 1492 سقوط غرناطة وحتى الآن… و هذة الأرض كانت تحبل بآلاف الألواح التي ما لبثت أن ولدت وقدمت للبشرية سجلا كاملا عن أول مدنيةوأول أبجدية.

وتم ترجمة هذة الألواح التي وجدت في آشور وبابل وماري وإيبلا وأوغاريت ..

وبدأت مراحل الإكتشاف المذهل (قصة الطوفان, قصة الخلق, جلجامش,عشتار ودوموزي-أدونيس, عناة,.. ومئات القصص والملاحم التي كانت أول إبداع للعقل الإنساني. ومن بين ثناياها

أوضحت لنا أصل هذة الأعياد وطقوس الاحتفال بها.

وبالعودة لطقوس الإحتفالات بقدوم الربيع، كانت تستمر حتى يوم 1 نيسان يوم رأس السنة السورية,وسمي عند الآشوريين عيد (أكيتو)، والاحتفال به يرد لارتباطه بنهاية موسم الأمطار وبدء دورة الخصب ونمو الأعشاب وتكاثر الحيوانات. وكانت الاحتفالات تتخللها طقوس دينية وشعائر وتقديم خلالها قرابين ومراسيم مرور مواكب احتفالية كبيرة وإقامة بعض الألعاب الرياضية ورقصات تجسد رمزية نشوء الخليقة، حيث يتقمص المشاركون فيها ملابس وأقنعة تنكرية وتبلغ القمة في الفترة من 1 وحتى 11 نيسان. وفي منتصف هذة المدة أي في الرابع من نيسان شرقي والذي يصادف 17 نيسان على التقويم الغربي الحالي كانت تقام الأفراح وتعقد الدبكات، “لا زال هذا التقليد مستمرا في الساحل السوري إلى يومنا هذا ويسمى بعيد “الرابع” أي الرابع من نيسان شرقي “.

وكان يشارك الملك وحاشيته والكهنة وبقية الشعب وفي اليوم الأول يقوم الملك بوضع حزمة من محصول الشعير للإله تعبيراً عن الشكر. أما في اليوم الثاني والثالث فتكون المراسيم عبارة عن طقوس المعبد لتمجيد الإله وذلك بالسجود باتجاه شروق الشمس إضافة. وفي اليوم الرابع يتم سرد قصة الخليقة على مسامع الملك وحاشيته وعموم الشعب ويبدأ بعدها في عملية إعلان بدء السنة الجديدة رسمياً .

وتبدأ في اليوم الخامس عملية تقديم القرابين والذبائح للإله. وفي اليومين السادس والسابع تصل الاحتفالات ذروتها في قيام الملك بالإعلان عن خضوعه وانصياعه للإله وتأديته قسم الالتزام بما تمليه عليه واجباته في حماية الشعب والمعابد والمدن من الأعداء، وفي اليوم الثامن يتم الإعلان عن عودة الإله وجلوس الملك على عرشه من جديد وسيادة حالة الاستقرار والأمن. وأما في اليوم التاسع والعاشر والحادي عشر من الاحتفالات فكانت مخصصة لطقوس خاصة بالزواج المقدس والتناسل وفي اليوم الثاني عشر وهو اليوم الأخير فكانت تطغي عليه مراسيم حفل الختام وتوديع الضيوف .

ولا يزال السوريون (الآشوريون-السريان) يحتفلون في الأول من نيسان كل عام ولكن بطريقة تختلف عما كان قائماً قبل آلاف السنين بعد أن قاموا بموائمة هذة الإحتفالات مع إيمانهم المسيحي. ولعل ابرز ما يقوم به الآشوري منذ حلول ساعات الفجر الأولى هو قيامه بجلب حزمة من العشب الأخضر وتعليقها في أعلى مدخل الدار قبل نهوض الأطفال وتسمى (دقنا دنيسان) وهي قبضة العشب الأخضر المعلقة فوق مدخل الدار وتعني (لحية نيسان) وحينها يخرج الناس إلى المروج الخضراء للاحتفال بقدوم نيسان الخير.

أما كيف تم تحويل 1 نيسان إلى يوم للكذب، فبعد سقوط بغداد وزوال شمس الحضارة العربية تحت وطأة الغزو المستمر من الشرق بهجمات المغول والتتار ومن الغرب بالهجمات الصليبية المتتالية وسقوط غرناطة آخر المعاقل السورية – الأندلسية,

بدات مرحلة تزوير وطمس لكل ما يتعلق بتاريخ سوريا والعرب، ومما زاد في غربة العرب عن هذا التاريخ سقوط المنطقة لأربعة قرون تحت نير العثمانييين، وبدأت عملية غسل للأدمغة لم تنتهي حتى الآن المتمثل في الصهيونية وذلك بالإحتلالين المادي والفكري ومحاولة إحلال التاريخ التوراتي مكان هذا التاريخ “

ومن بدايات تلك المحاولات، عندما أمر شارل التاسع ملك فرنسا 1564م. بجعل أول السنة كانون الثاني يناير بدل نيسان، و كان الشخص الذي يرفض التقويم الجديد يصبح ضحية لأناس يعرضونه لمواقف محرج، ويسخرون منه… في محاولة لطمس ذلك التراث نهائيا. إلا أن أسماء الأشهر بعد تغريبها وتغيير ترتيبها ظلت تشي بالترتيب القديم الأساسي فسبتمبر يعني السابع وديسمبر هو العاشر وهكذا

elayne.raksnys@insightvacations.com.


القديس حنانيا: هو أحدى الشخصيات الواردة في الكتاب المقدس ففي أعمال الرسل (1:9-26 و22 : 4-16) يذكر حنانيا كشخص دمشقي من أصل يهودي . ولما عمد شاؤول الطرسوسي كان قد سبق هو وتنصر وكان يتمتع بشهرة وتقدير عظيمين في كنيسة دمشق الفتية وله كشف السيد المسيح المهمة التي عينها الله لرسول الأمم فأعظم شهرة القديس حنانيا أنه قبل في الكنيسة الناشئة شاؤول الذي كان يضطهد الكنيسة وعلمه مبادىء الدين المسيحي .

ويؤكد لنا التقليد الشرقي أن حنانيا كان أحد تلاميذ المسيح الأثنين والسبعين الذي يكلمنا عنهم القديس لوقا (10 :1) وأنه قدم الى دمشق بعد رجم القديس استفانس ثم رسمه الرسل اسقفا ً لكنيسة دمشق .

كان حنانيا يبشر بالأيمان المسيحي البلاد السورية لما قبض عليه الحاكم الروماني ليسينيوس وحكم عليه بالموت ومات حنانيا مرجوما ً بالحجارة خارج سور دمشق في اليوم الأول من شهر تشرين الأول ونقل المسيحيون جثمانه الى داخل المدينة .

أما عن بيت القديس حنانيا فانه معترف به عند الجميع منذ القدم انه في مدينة دمشق القديمة داخل السور ومنذ القدم تحول هذا البيت الى كنيسة الصليب . اننا نجهل تاريخ هذا التحول ولكنه اكيدا ً قبل الفتح الإسلامي (636) .

وفي المجلة العلمية سورية العدد الخامس 1924 ورد أن الكونت أوستاش دى لوريه مدير البعثة الأثرية في سوريا قد قام بحفريات سنة 1921 في مدينة دمشق في منطقة كانت تعرف باسم حنانيا بالقرب من الباب الشرقي كانت هناك كنيسة باسم كنيسة الصليب المقدس أو بالأحرى المصلبة أحدى الكنائس التي سمح وليد الأول للمسيحيين باستعمالها بدلا ً من الجامع الكبير أن السيد دى لوريه أكتشف موضوع الهيكل وحفرياته أظهرت أن هذه الكنيسة كانت سابقا ً هيكلا ً وثنيا ً كما تشهد على ذلك كتابة يونانية وجدة بالحفريات تقول : الى إله دمشق السماوي وهيكل حيث يرى ثور محدوب تحت بلوطة .

وفي نفس المجلة العدد السادس 1925 يحدد أن هذا الهيكل الوثني هو للقرن الثاني أو الثالث بعد المسيح .

أن اكتشاف هيكل وثني في مكان عبادة للمسيحيين ليس بأمر غريب فالتاريخ يخبرنا أن الأمبراطور أدريانوس 117-138 بنى هياكل وثنية على جبل الجلجلة وفوق مغارة بيت لحم خصوصا ً لابعاد المسيحيين عن هذا المكان المقدس ليس إلا اثبات لوجود زيارة مسيحية قديمة وتثبت أيضا ً أنها كانت كنيسة بيزنطية تحولت بعدها الى جامع فتحول أماكن العبادة في الشرق من مذهب لمذهب في نفس المكان ما هو إلا برهان واثبات قوي أن ذلك المكان هو حقيقة مكان عبادة .

وبعد بضعة قرون يتكلم أحد الكتاب العرب ابن عساكر 1105-1176 عن كنيسة في دمشق باسم الكنيسة المصلبة أي كنيسة الصليبويقول أن هذه الكنيسة هي قرب السور بين باب توما والباب الشرقي وأنها هدمت نحو سنة 700 وعن بيت حنانيا يتكلم أيضا ً الراهب الفرنسيسكاني بوجيبو نسي سنة 1374 قائلا ً أنه على أيامه كانت  قد تحول الى جامع .

وبعد بضعة سنوات أي سنة 1363 يقول الكاتب العربي ابن شاكر أن الخليفة وليد الأول 702-712 اعطى المسيحيين خربة كنيسة الصليب بدلا ً من كنيسة القديس يوحنا المعمدان التي حولها الى جامع أي الجامع الأموي الحالي .

والأب بونيفاس دى راكوسا حارس الأرض المقدسة زار هذا المكان في القرن السادس عشر ويقول : أنه ينزل الى هذه الكنيسة بعدد من الدرجات وفي أول القرن السابع عشر الأب كواريسميو الفرنسيسكاني هكذا يصف بيت القدس حنانيا :

هذا البيت موجود في القسم الشرقي من المدينة وهو بيت تحت الأرض ينزل اليه من الجانب الشرقي من باب ضيق ودرج وهو مثلث الشكل وضيق جدا ً طوله من الجانبين عشرين قدما ً وعرضه عشرة ويدخله النور من اعلى من نافذتين مدورتين .

وفي سنة 1630 يثبت الأب أنطونيو ديل كاستيليو الفرنسيسكاني أن بيت القديس حنانيا مكرم من قبل المسيحيين والأتراك المسلمين .

في سنة 1820 استملك الآباء الفرنسيسكان التابعون لحراسة الأرض المقدسة هذا المكان المقدس وبنوه وكرسوه للعبادة .

أما هذا البناء كله فقد هدم في ثورة 1860 وفي سنة 1867 أعيد بناء هذا المعبد وفي سنة 1973 رمم على الشكل الحالي وبيت القديس حنانيا هو عبارة عن مغارة مكونة من غرفتين من درج ذي أحدى وعشرين درجة . وهذا الوضع هو بسبب ارتفاع الأرض بسب الهدم والردم أثناء عشرين قرنا ً في هذه البقعة الصغيرة من المدينة وهذا الوضع يمكن مشاهدته في الباب الروماني الباب الشرقي .

وبيت القديس حنانيا الحالي الذي يعرضه الأباء الفرنسيسكان اليوم على الزائرين للعبادة هو بدون شك جزء من الكنيسة البيزنطية كنيسة الصليب المقدس للجيل الخامس والسادس التي اكتشفها دى لوريه أثناء حفرياته . وتحديد هذا المكان المقدس هو مطابق من جميع النواحي لاعتراف المسيحيين به منذ أوائل المسيحية بأنه بيت القديس حنانيا أول أسقف لمدينة دمشق .

بلال بن رباحة الحبشي،أبو عبد الله، صحابي جليل كان عبدا من عبيد قريش أعلن إسلامه فعذبه سيده أمية بن خلف فابتاعه أبو بكر الصديق وأعتقه، اشتهر بصبره على التعذيب وقولته أحد أحد، كان صوته جميلا فكلفه الرسول بمهمة الأذان

صفاته

شديد السمرة، نحيف، مفرط الطول، الكث الشعر، لم يكن يسمع كلمات المدح والثناء توجه اليه، الا ويحني رأسه ويغض طرفه ويقول وعبراته على وجنتيه تسيل:انما أنا حبشي كنت بالأمس عبدا.

ذهب يوما يخطب لنفسه ولأخيه زوجتين فقال لأبيهما:أنا بلال وهذا أخي، عبدان من الحبشة، كنا ضالين فهدانا الله، وكنا عبدين فأعتقنا الله، ان تزوجونا فالحمد لله، وان تمنعونا فالله أكبر.

إسلامه

إنه حبشي من أمة سوداء، عبدا لأناس من بني جمح بمكة، حيث كانت أمه إحدى إمائهم وجواريهم، بدأت أنباء محمد رسول الله تنادي سمعه، حين أخذ الناس في مكة يتناقلوها، وكان يصغي إلى أحاديث سادته وأضيافهم، ويوم إسلامه كان رسول لله وأبو بكر معتزلين في غار، إذ مرّ بهما بلال وهو في غنمِ عبد بن جُدعان، فأطلع رسول الله رأسه من الغار وقال: يا راعي هل من لبن ؟فقال بلال: ما لي إلا شاة منها قوتي، فإن شئتما آثرتكما بلبنها اليوم فقال رسول الله :إيتِ بها

فجاء بلال بها، فدعا رسول الله بقعبه، فاعتقلها رسول الله فحلب في القعب حتى ملأه، فشرب حتى روي، ثم حلب حتى ملأه فسقى أبا بكر، ثم احتلب حتى ملأه فسقى بلالاً حتى روي، ثم أرسلها وهي أحفل ما كانتْ

ثم قال: يا غلام هل لك في الإسلام؟ فإني رسول الله فأسلم، وقال: اكتم إسلامك ففعل وانصرف بغنمه، وبات بها وقد أضعف لبنها، فقال له أهله: لقد رعيت مرعىً طيباً فعليك به فعاد إليه ثلاثة أيام يسقيهما، ويتعلّم الإسلام، حتى إذا كان اليوم الرابع، فمرّ أبو جهل بأهل عبد الله بن جدعان فقال: إني أرى غنمك قد نمت وكثر لبنها ؟ فقالوا: قد كثر لبنها منذ ثلاثة أيام، وما نعرف ذلك منها! فقال: عبدكم وربّ الكعبة يعرف مكان ابن أبي كبشة، فامنعوه أن يرعى المرعى، فمنعوه من ذلك المرعى.[بحاجة لمصدر]

ظهور أمره

دخل بلال يوماً الكعبة وقريش في ظهرها لا يعلم، فالتفتَ فلم يرَ أحداً، أتى الأصنام وجعل يبصُقُ عليها ويقول:(خابَ وخسرَ من عبدكُنّ) فطلبته قريش فهرب حتى دخل دار سيده عبد الله بن جدعان فاختفى فيها، ونادَوْا عبد الله بن جدعان فخرج فقالوا: أصبوتَ ؟! قال: ومثلي يُقال له هذا؟! فعليَّ نحرُ مئة ناقةٍ للاَّتِ والعُزّى قالوا: فإنّ أسْوَدَك صنَع كذا وكذا.

فدعا به فالتمسوه فوجدوه، فأتوهُ به فلم يعرفه، فدعا راعي ماله وغنمه فقال: من هذا؟ ألم آمُرْك أن لا يبقى بها أحد من مولّديها إلا أخرجته؟) فقال: كان يرعى غنمك، ولم يكن أحد يعرفها غيره فقال لأبي جهل وأمية بن خلف: شأنكما به فهو لكما، اصنَعا به ما أحببتُما وتجثم شياطين الأرض فوق صدر أمية بن خلف الذي رأى في إسلام عبد من عبدانهم لطمة جللتهم بالخزي والعار، ويقول أمية لنفسه: ان شمس هذا اليوم لن تغرب الا ويغرب معها إسلام هذا العبد الآبق !!

العذاب

وبدأ العذاب فقد كانوا يخرجون به في الظهيرة التي تتحول الصحراء فيها إلى جهنم قاتلة، فيطرحونه على حصاها الملتهب وهو عريان، ثم يأتون بحجر متسعر كالحميم ينقله من مكانه بضعة رجال ويلقون به فوقه، ويصيح به جلادوه: أذكر اللات والعزى فيجيبهم:أحد…أحد.

واذا حان الأصيـل أقاموه، وجعلوا في عنقـه حبلا، ثم أمروا صبيانهـم أن يطوفوا به جبال مكـة وطرقها، وبلال لا يقول سوى: أحد…أحد قال عمار بن ياسر: كلٌّ قد قال ما أرادوا -ويعني المستضعفين المعذّبين قالوا ما أراد المشركون- غير بلال ومرَّ به ورقة بن نوفل وهو يعذب ويقول: أحد…أحد فقال: يا بلال أحد أحد، والله لئن متَّ على هذا لأتخذنّ قبرك حَنَاناً أي بركة.

الحرية

ذات يوم، كان أمية بن خلف يضرب بلالاً بالسوط، فمرَّ عليه أبو بكر ، فقال له: يا أمية ألا تتقي الله في هذا المسكين؟ إلى متى ستظل تعذبه هكذا؟ فقال أمية لأبي بكر: أنت أفسدته فأنقذه مما ترى، وواصل أمية ضربه لبلال، وقد يئس منه، فطلب أبو بكر شراءه، وأعطى أمية ثلاث أواق من الذهب نظير أن يترك بلالا، فقال أمية لأبي بكر الصديق: فواللات والعزى، لو أبيت إلا أن تشتريه بأوقية واحدة لبعتكه بها، فقال أبو بكر: والله لو أبيت أنت إلا مائة أوقية لدفعتها.

الهجرة

و بعد هجرة الرسول والمسلمين إلى المدينة، آخى الرسول صلى الله عليه وسلم—بين بلال وبين أبي عبيدة بن الجراح، وشرع الرسول صلى الله عليه وسلم للصلاة آذانها، واختار بلال ليكون أول مؤذن للإسلام.

غزوة بدر

نشب القتال بين المسلمين وجيش قريش وبلال ضمن جيش المسلمين، وبينما المعركة تقترب من نهايتها، لمح أمية بن خلف عبد الرحمن بن عوف صاحب رسول الله فاحتمى به وطلب اليه أن يكون أسيره رجاء أن يخلص بحياته فلمحه بلال فصاح قائلا: رأس الكفر، أمية بن خلف لا نجوت إن نجا، ورفع سيفه ليقطع رأسه فصاح به عبد الرحمن بن عوف: أي بلال انه أسيري، ورأى بلال أنه لن يقدر وحده على اقتحام حمى أخيه في الدين فصاح بأعلى صوته في المسلمين: يا أنصار الله، رأس الكفر أمية بن خلف لا نجوت إن نجا وأقبلت كوكبة من المسلمين وأحاطت بأمية وابنه، ولم يستطع عبد الرحمن بن عوف أن يصنع شيئا.

يوم الفتح

وعاش بلال مع الرسـول صلى الله عليه وسلم يشهد معه المشاهـد كلها، وكان يزداد قربا من قلب الرسـول صلى الله عليه وسلم الذي وصفه بأنه رجل من أهل الجنة وجاء فتح مكة، ودخل الرسول الكعبة ومعه بلال، فأمره أن يؤذن، ويؤذن بلال فيا لروعة الزمان والمكان والمناسبة.

فضله

قال رسول الله: إني دخلتُ الجنة، فسمعت خشفةً بين يديّ، فقلتُ: يا جبريل ما هذه الخشفة؟ قال: بلال يمشي أمامك وقد سأل الرسول بلالاً بأرْجى عمل عمله في الإسلام فقال: لا أتطهّرُ إلا إذا صليت بذلك الطهور ما كتِبَ لي أن أصلّيَ كما قال -عليه أفضل الصلاة والسلام-: اشتاقت الجنّةِ إلى ثلاثة: إلى علي، وعمّار وبلال.

وقال الرسول : إنه لم يكن نبي قبلي إلا قد أعطيَ سبعة رفقاء نُجباء وزراء، وإني أعطيتُ أربعة عشر: علي وحمزة وجعفر والحسن والحسين، وأبو بكر وعمر والمقداد وحذيفة وسلمان وعمار وبلال وابن مسعود وأبو ذر.

وقد دخل بلال على رسول الله وهو يتغدّى فقال رسول الله: الغداءَ يا بلال فقال: إني صائم يا رسول الله فقال الرسول: نأكلُ رِزْقَنَا، وفضل رزقِ بلال في الجنة، أشعرتَ يا بلال أنّ الصائم تُسبّح عظامُهُ، وتستغفر له الملائكة ما أكِلَ عنده

وقد بلغ بلال بن رباح أن ناساً يفضلونه على أبي بكر فقال: كيف تفضِّلوني عليه، وإنما أنا حسنة من حسناته!

الزواج

جاء بني البُكير إلى رسـول اللـه فقالوا: زوِّج أختنا فلاناً فقال لهم: أين أنتم عن بلال؟ ثم جاؤوا مرّة أخرى فقالوا: يا رسول الله أنكِح أختنا فلاناً فقال لهم: أين أنتم عن بلال ؟ ثم جاؤوا الثالثة فقالوا:(أنكِح أختنا فلاناً فقال: أين أنتم عن بلال؟ أين أنتم عن رجل من أهل الجنة ؟) فأنكحوهُ

وأتى النبي امرأة بلال فسلّم وقال: أثمَّ بلال؟ فقالت: لا، قال: فلعلّك غَضْبَى على بلال! قالت: إنه يجيئني كثيراً فيقول: قال رسول الله، قال رسول الله فقال لها رسول الله: ما حدّثك عني بلالٌ فقد صَدَقكِ بلالٌ، بلالٌ لا يكذب، لا تُغْضِبي بلالاً فلا يُقبل منكِ عملٌ ما أغضبتِ بلالاً.

بلال من المرابطين

وذهب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، ونهض بأمر المسلمين من بعده أبو بكر الصديق، وذهب بلال إلى الخليفة يقول له: يا خليفة رسول الله، إني سمعت رسول الله يقول: أفضل عمل المؤمن الجهاد في سبيل الله قال له أبو بكر: فما تشاء يا بلال؟ قال: أردت أن أرابط في سبيل الله حتى أموت قال أبو بكر: ومن يؤذن لنا؟ قال بلال وعيناه تفيضان من الدمع: اني لا أؤذن لأحد بعد رسول الله قال أبو بكر: بل ابق وأذن لنا يا بلال قال بلال: ان كنت قد أعتقتني لأكون لك فليكن ما تريد، وان كنت أعتقتني لله فدعني وما أعتقتني له قال أبو بكر: بل أعتقتك لله يا بلال ويختلف الرواة في أنه سافر إلى الشام حيث بقي مرابطا ومجاهدا، ويروي بعضهم أنه قبل رجاء أبي بكر وبقي في المدينة فلما قبض وولى الخلافة عمر، استأذنه وخرج إلى الشام.

بعض المواقف من حياته مع الرسول صلى الله عليه وسلم

روى أبو داود بسنده عن عبد الله الهوزني قال: لقيت بلالا مؤذن رسول الله بحلب، فقلت: يا بلال حدثني كيف كانت نفقة رسول الله ؟ قال: ما كان له شيء كنت أنا الذي ألي ذلك منه منذ بعثه الله إلى أن توفي وكان إذا أتاه الإنسان مسلما فرآه عاريا يأمرني فأنطلق فأستقرض فأشتري له البردة فأكسوه وأطعمه حتى اعترضني رجل من المشركين فقال: يا بلال إن عندي سعة فلا تستقرض من أحد إلا مني ففعلت فلما أن كان ذات يوم توضأت ثم قمت لأؤذن بالصلاة فإذا المشرك قد أقبل في عصابة من التجار فلما أن رآني قال: يا حبشي قلت يا لباه فتجهمني وقال لي قولا غليظا وقال لي: أتدري كم بينك وبين الشهر قال: قلت: قريب قال: إنما بينك وبينه أربع فآخذك بالذي عليك فأردك ترعى الغنم كما كنت قبل ذلك فأخذ في نفسي ما يأخذ في أنفس الناس حتى إذا صليت العتمة رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله فاستأذنت عليه فأذن لي فقلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي إن المشرك الذي كنت أتدين منه قال لي كذا وكذا وليس عندك ما تقضي عني ولا عندي وهو فاضحي فأذن لي أن آبق إلى بعض هؤلاء الأحياء الذين قد أسلموا حتى يرزق الله رسوله صلى الله عليه وسلم ما يقضي عني فخرجت حتى إذا أتيت منزلي فجعلت سيفي وجرابي ونعلي ومجني عند رأسي حتى إذا انشق عمود الصبح الأول أردت أن أنطلق فإذا إنسان يسعى يدعو: يا بلال أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلقت حتى أتيته فإذا أربع ركائب مناخات عليهن أحمالهن فاستأذنت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أبشر فقد جاءك الله بقضائك” ثم قال: “ألم تر الركائب المناخات الأربع” فقلت: بلى فقال: “إن لك رقابهن وما عليهن فإن عليهن كسوة وطعاما أهداهن إلي عظيم فدك فاقبضهن واقض دينك” ففعلت فذكر الحديث ثم انطلقت إلى المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في المسجد فسلمت عليه فقال: “ما فعل ما قبلك” قلت: قد قضى الله كل شيء كان على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يبق شيء قال: “أفضل شيء؟” قلت: نعم قال: “انظر أن تريحني منه فإني لست بداخل على أحد من أهلي حتى تريحني منه” فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العتمة دعاني فقال: “ما فعل الذي قبلك” قال: قلت: هو معي لم يأتنا أحد فبات رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد وقص الحديث حتى إذا صلى العتمة يعني من الغد دعاني قال: “ما فعل الذي قبلك” قال: قلت: قد أراحك الله منه يا رسول الله فكبر وحمد الله شفقا من أن يدركه الموت وعنده ذلك ثم اتبعته حتى إذا جاء أزواجه فسلم على امرأة امرأة حتى أتى مبيته فهذا الذي سألتني عنه.

الآذان الأخير

وكان آخر آذان له يوم توفي رسول الله، وعندما فتح عمر بن الخطاب بيت المقدس توسل المسلمون إليه أن يحمل بلالا على أن يؤذن لهم صلاة واحدة، ودعا عمر بن الخطاب بلالا، وقد حان وقت الصلاة ورجاه أن يؤذن لها، وصعد بلال وأذن فبكى الصحابة الذين كانوا أدركوا رسول الله وبلال يؤذن، بكوا كما لم يبكوا من قبل أبدا، وكان عمر أشدهم بكاءً.

وفاته

 

ضريح بلال.

توفي بلال في الشام مرابطا في سبيل الله كما أراد ودفن تحت ثرى دمشق سنة عشرين للهجرة، ويوجد قبر ومدفن ومقام للصحابي الجليل بلال بن رباح في دمشق. كما انه في المملكة الأردنية الهاشمية يوجد ضريح له في حي الفقراء في منطقة وادي السير. حينما أتى بلالا الموت، قالت زوجته : وا حزناه فكشف الغطاء عن وجهه وهو في سكرات الموت وقال : لا تقولي واحزناه، وقولي وا فرحاه ثم قال : غدا نلقى الأحبة، محمدا وصحبه

.

القهوة المرة

تعد القهوة المرة من أهم مرتكزات التراث الشعبي الحوراني وما زالت مستمرة في الزمان والمكان وبنفس الطريقة التي كانت عليها قبل ألف سنة والأقوال فيها تعد من المأثورات الشعبية في حوران.

ويقول الباحث عبد الرحمن الحوراني للقهوة العربية في نفوس العرب على مختلف مستوياتهم بغض النظر عن أماكن تواجدهم مكانة كبيرة ترتبط بالانتماء الذي يتمسكون به وتكاد تكون المشروب الأكثر شعبية لهم أينما حلوا في جميع الأصقاع .

وبالنسبة لأهل حوران تعد القهوة العربية المشروب المفضل الذي يكرمون به الضيف ويشربونها في مجالسهم وسهراتهم ولهم في جودة صنعها وتقديمها وشربها شعر وأمثال وحكم حيث يجيدون تحضيرها بالشكل الأمثل.

وأوضح الحوراني أن عملية تحضير القهوة تمر بمراحل الحمس والدق وتحضير الدلال والماء والخميرة والمزج والتلقيم ليتم بعدها الحصول على مشروب القهوة بلونه وقوامه المميز حيث يفرغ ويصفى من دلة الى دلة ويوضع في المصب ليصبح جاهزا للشرب ويقوم المعزب صاحب المضافة بشرب الفنجان الأول وعلى مرأى من الحضور لإثبات سلامة القهوة ثم يصب للضيف و يبدأ بالحاضرين من اليمين دون تمييز وطبقا للمثل القائل أول القهوة خص وثانيها قص والكمية في الفنجان لا تتجاوز بضع نقاط ويقدم فنجان القهوة باليد اليمنى ويهز من قبل الشاربين علامة الاكتفاء وإذا امتنع الضيف أو الزائر عن تناول القهوة فمعنى ذلك أن له حاجة ولا يشربها إلا إذا أخذ وعدا بقضائها أما الامتناع عن شرب القهوة بلا سبب فهو نذير شر وعداء.

وبين الحوراني أن من أهم مستلزمات صناعة و تحضير القهوة هي النقرة وهي حفرة وسط المضافة أو بيت الشعر توقد النار فيها وكلما شبت النار اعتبر ذلك دليلا على الكرم و الجود حيث توضع أباريق أو دلال القهوة فوق الجمر أما النجر أو الجرن فهو ما يتم فيه طحن القهوة المحمصة بينما المهباج يستخدم لسحق القهوة المحمصة داخل الجرن أما الدلال فهي جمع دلة وهي أباريق مصنوعة من النحاس الأبيض أو الأصفر وعددها ستة أباريق إضافة إلى المحماس الذي تحمس فيه القهوة حتى تصبح حمراء أو شقراء أما المطنة فهي كالملعقة لتحريك القهوة أثناء عمليات تحميصها.

بدوره يقول الباحث ابراهيم الشعابين إن القهوة المرة تقدم في كل المناسبات في الأفراح والأتراح وفي كل الأوقات وهناك طقوس وعادات درج الناس على الالتزام بها لأن أي خرق لتعليماتها يعد عيبا كبيرا يعرض مرتكب الخطأ إلى القضاء العشائري.

ولفت الشعابين إلى الدور الاجتماعي الذي تقوم به القهوة المرة وحلها للكثير من القضايا الاجتماعية التي تواجه الناس في حياتهم اليومية فكم من فنجان قهوة ألف بين القلوب المتخاصمة وانتهى بتوقيع مصالحة أو عقد اتفاق مصاهرة.

ومن الأمثال الشعبية العربية التي قيلت في القهوة لذة القهوة شرب ثلاثة فناجين الفنجان الأول لرأسي أي يزيل النعاس من الرأس والفنجان الثاني لبأسي أي يزيد الشخص بأسا وشجاعة والفنجان الثالث يطير عماس والعماس هو الصداع واختلال الأمور أي أن الفنجان الثالث يصفي الذهن ويطرد الصداع فيصبح الذهن نشطا و العقل متوقدا.

ويشير الحاج أحمد القاسم إلى أن عادات القهوة المرة وطقوسها و دورها الاجتماعي ما زالت قائمة ولكن الجديد فيها ظهور التقنيات الحديثة التي حلت محل الأدوات التي كانت تستخدم سابقا فحلت المواقد الصناعية محل النقرة وآلة الطحن الكهربائية محل الجرن لا بل أصبح بإمكان أي شخص أن يحصل على القهوه المطحونة أو الجاهزة وهو ما أفقد عادات القهوة بعضا من طقوسها وجلسات إعدادها الطويلة.

This gallery contains 1 photo.

تعتبر مدينة صلخد ومنذ القدم عاصمة لمنطقة حوران القديمة وذلك منذ العصر النبطي والروماني البيزنطي حتى الآن وشكلت بعد اتساعها مع بصرى مركزين مدنيين كبيرين في المقاطعة الجنوبية لسورية. وذكرت مدينة صلخد في كثير من الوثائق التاريخية القديمة كما يقول المهندس وسيم الشعراني مدير آثار السويداء حيث ورد ذكرها في كتاب العهد القديم في الإصحاح […]

بعدما شارفت على الانقراض ومع العودة إلى تراث الأجداد

مع عودة كثرة من السوريين إلى تراث الأجداد، وانتشار المنشآت السياحية والمطاعم والمقاهي التي تهتم بكل ما هو تراثي، تلاحظ عودة الرواج لبعض المهن اليدوية التي كانت شبه منقرضة في السنوات السابقة. ومن هذه المهن تصنيع كراسي القش من مختلف الأشكال والتصاميم، وصيانتها وترميمها.

كراسي القش كانت من «ثوابت» البيت الدمشقي، وكانت موجودة بجانب بحرة باحة البيت وداخل الغرف، ناهيك عن انتشارها في الدكاكين ومكاتب موظفي الدولة والشركات، غير أنها أخذت تفقد مكانتها خلال السنوات العشرين الأخيرة لصالح الكراسي البلاستيكية الرخيصة الثمن وكراسي الحديد والجلد وغيرها. ولكن مع استعادة كراسي القش شعبيتها، نهضت من جديد مهنة تصنيعها وصيانتها وترميمها، وأخذت تجتذب نسبة لا بأس بها من الشباب السوريين، وعاد أبناء أسر دمشقية كانت قد تخصصت بهذه المهنة إلى العمل بها من جديد. من هؤلاء محمد قضماني، الذي عاد مع شابين صغيرين يدربهما للعمل في ورشة والده في منطقة العمارة بدمشق القديمة، وشقيقه الأصغر أحمد، الذي ترك مهنة الهندسة الزراعية التي درسها في جامعة دمشق ليتفرغ لمهنة الآباء والأجداد من خلال محل العرض في شارع بغداد، بوسط العاصمة السورية.

محمد: «منذ عشرات السنين وأسرتي تعمل في مجال تقشيش الكراسي وترميمها وتصنيعها بشكل يدوي. ووالدي ظل يعمل بهذه المهنة لأكثر من ستين سنة. ولكن مع عزوف الناس عن شراء هذا النوع من الكراسي توقف عملنا لفترة.. قبل أن يعود لينهض مجددا. والحقيقة أن والدي، عمره حاليا 85 سنة، شجعني على التمسك بهذه المهنة، خاصة أن كثيرين من الدمشقيين صاروا يأتون بكراسيهم القديمة لكي نرممها لهم».

وتابع محمد «هناك عدة أسباب لعودة اهتمام الناس بهذا النوع من الكراسي التي تصنع من القش والخشب الطبيعي، منها اكتشافهم فوائدها الصحية للإنسان بعكس الكراسي البلاستيكية التي تسبب ضررا لهم.. فهي من مواد مصنعة ولا يستطيع الشخص الجلوس عليها لفترة طويلة.. بعكس كراسي القش التي يمكن للشخص الجلوس عليها طيلة النهار».

أيضا، من الأسباب.. تأثر الناس بمسلسلات البيئة الشامية مثل «باب الحارة» حيث شاهدوا كيف كان الناس يجلسون في البيوت وفي الدكاكين على كراسي القش، ولا سيما الصغيرة منها – من دون مسند – ، فصاروا يقلدون الممثلين في هذه الأعمال، ويستعيضون عن الكراسي البلاستيكية والجلد الصناعي بكراسي القش.

ثم هناك سبب ثالث أسهم في عودة الطلب على كراسي القش يتمثل في افتتاح مئات المطاعم والفنادق والمقاهي في دمشق القديمة، وحتى خارجها، التي يحرص أصحابها على وجود كراسي القش انسجاما مع طبيعة هذه المنشآت وتصاميمها ومواقعها في أمكنة تراثية.

«ومن الأمور الطريفة هنا – كما يقول قضماني – أن بعض الأسر الدمشقية ظلت تحتفظ بكراسي القش المهترئة على الرغم من عدم استخدامها. ولقد جاءني أحد الدمشقيين بكرسي قش من طراز نادر كان ورثه عن والده، وعمره يتجاوز الثمانين سنة، وقال لي إن أقرباءه كانوا يحثونه دائما على رميه في القمامة.. لكنه رفض. وعندما عاد الاهتمام بهذه الكراسي جاءني به لنصلحه وليتباهى به أمام أقربائه الذين لم يكن يعجبهم».

وحول ورش صناعة كراسي القش ومستلزماتها ومراحل صناعتها، شرح محمد قضماني «قبل نحو ربع قرن كان عدد ورش تصنيع وصيانة كراسي القش في دمشق نحو 35 ورشة. ولكن مع وفاة أصحابها واندثار المهنة انخفض العدد لنحو ثلاث ورش فقط، لكنه ارتفع من جديد في السنوات الثلاث الماضية إلى لثماني ورش. ولكن على الرغم من الارتفاع فإن من يعمل بالمهنة حاليا عبارة عن عمال موسميين من طلبة المدارس الذين يستغلون العطلة الصيفية للعمل فيها. وهي بالأصل مهنة موسمية إذ أنها تنشط في فصل الصيف فقط وتتوقف في فصل الشتاء. ذلك أن تصنيع هذه الكراسي يحتاج لطقس حار وجاف.. ومعظم الناس يرغبون في صيانة كراسيهم مع بداية فصل الصيف للجلوس عليها في أرض الديار (أي الفناءات)». أما ما يخص المواد اللازمة لصنع كراسي القش فيقول محمد، الذي يؤكد أنه لن يورث هذه المهنة لأولاده: «.. هناك خشب الزان الذي يصل إلى الورشة بقطعة واحدة ويجري نشره إلى قطع حسب أبعاد أرجل الكرسي وإطارها، وبعد ذلك توضع هذه القطع على براية (مبراة) ومن ثم على البخار. ولذلك يجري (تطبيق) الكرسي من دون الحاجة للصق بمادة الغراء، أما الأرجل والطارة فيصار إلى ربطها بواسطة البراغي (المسامير اللولبية) وباللف. وفيما بعد يصار إلى استخدام القش أو الخيزران، حسب رغبة الزبون». وعن التصاميم المحلية فمنها: «البلوني» و«الحمصي» و«الهزاز» و«الكعكة» و«قرن الغزال» و«المدور».. وهناك نوع ظهر في مسلسل تلفزيوني قديم يسمى «أم كامل» فصار الكرسي معروفا بين الناس والحرفيين باسم «كرسي أم كامل»، كذلك هناك موديل يدعى «العربي الصغير» وهو منتشر بكثرة، وعادة ما يصنع من خشب الحور ومن قش «الحلف» الذي نأتي به من منطقة دير الزور على ضفاف نهر الفرات. وثمة من يصنع نماذج صغيرة للزينة أو لوضع هاتف الجوال عليها أشبه ما تكون بالدمية أو ألنموذج المصغر.. وهذه تستهوي السياح الأجانب كثيرا».

ثم يتناول محمد جانب تصليح الكرسي، فيقول «عادة يظل الكرسي نحو عشرين سنة في البيت دون أن يخرب.. ولكن بعدها يصبح بحاجة إلى صيانة. وقد يعمر الكرسي لأكثر من ذلك شريطة أن لا يتعرض للماء والرطوبة التي تسرع عطبه. ولذا يلاحظ مثلا أن الكراسي في البيوت التقليدية المفتوحة ذات الفناءات يخرب أسرع من ذلك الموجود في الشقق المغلقة». ويتابع «وبالنسبة للمراحل التي يمر بها الكرسي… ففي البداية يصار إلى قشط الطارة ونزعها لتؤخذ إلى التقشيش من جديد، وهذه مرحلة دقيقة وفنية تستغرق نحو الساعتين وتجرى بواسطة السدي (التسدية) بالطول وبالعرض، ومن ثم تجرى عملية الرفو أو (الرتي).. كما يحصل مع نول النسيج اليدوي، حيث ننتج من القش رسوما معينة لطارة الكرسي. وينتشر حاليا رسم تسمى (الشمس) الذي يستخدم للأبواب التي توضع على (الشوفاجات، سخانات الهواء) لحماية الأطفال من معدنها القاسي وكذلك تشكل لجمال منظهرها خاصة إذا صنعت من القش الملون أحيانا مع الخشب وهو ما يعطي (الشوفاج) في صالونات المنازل والمكاتب منظرا جميلا».

كلمة أخيرة: على الرغم من المستقبل الغامض لمهنة صنع كراسي القش وصيانتها وتخلي الحرفيين عنها، يبقى بصيص أمل مع «عودة الروح إليها» – كما يقول محمد قضماني – من خلال إقبال زبائن كثر على شرائها من بلدان مجاورة كالأردن ولبنان والعراق. وحسب قضماني فإن اللبنانيين هم أكثر الناس إقبالا على شراء كراسي القش خلال السنوات الماضية.. لا سيما أنهم ينظرون إليها من نواح جمالية ولا يهمهم أسعارها المرتفعة نسبيا بالمقارنة مع أسعار الكراسي البلاستيكية أو المعدنية.

مزولة شمسية نادرة في “الجامع الأموي” بحلب

في باحة “الجامع الأموي” الكبير في مدينة “حلب” وعلى عمود من الحجر توجد مزولة شمسية أفقية متقنة الصنعة ذات غطاء نحاسي على شكل قبة لحمايتها من العوامل الجوية وقد تم إنشاؤها في العهد العثماني للاستعانة بها في معرفة المواقيت.
للحديث عن هذه تاريخ هذه المزولة الشمسية النادرة وأقسامها وطريقة عملها التقى موقع eAleppo بالمهندس “محمد مجد الصاري” رئيس اللجنة الفلكية في نقابة المهندسين بحلب والتي تحدث بالقول: «تُصنع المزاول الشمسية على أنواع ثلاثة: المزولة الشمسية العمودية حيث يكون سطحها عمودياً على الأفق وهي النوع الأعم، والمزولة الشمسية الأفقية /وتُسمى البسيط أيضاً/ حيث يكون سطحها موازياً للأفق وهذا النوع نادر الوجود وذلك نظراً لصعوبة تنفيذه، وهناك المزولة الشمسية المائلة حيث يكون سطحها مائلاً على الأفق».

وأضاف الأستاذ “الصاري”: «في مباني “حلب” القديمة وخاصّةً في الجوامع يوجد النوع الأول من المزاول الشمسية العمودية، أما النوع الثاني /المزاول الأفقية/ فينفرد “الجامع الأموي” بحلب بوجود هذا النوع من المزاول الشمسية فيه ويساويه في هذا الفضل “الجامع الأموي” بدمشق وذلك بوجود مزولة شمسية أفقية مركبة على مئذنة العروس ولا يراها الناس وهي مخصصة للمؤذّن لأنه الشخص الوحيد الذي يصعد إلى المئذنة ويعود أصلها إلى الفلكي الدمشقي الكبير “ابن الشاطر”، وعلى حد علمي فإنه لا يوجد سوى هاتين المزولتين من هذا الطراز في “سورية”».

وحول المزولة الشمسية الموجودة في “الجامع الأموي” في “حلب” قال: «درة فريدة من نوعها أُقيمت في
المزولة بعد رفع الغطاء عنها
باحة “الجامع الأموي” الكبير بحلب إنها المزولة الأفقية /البسيط/ وللأسف فهي مغطاة ولا يراها الناس.

أُقيمت هذه المزولة في عهد الوالي العثماني “جميل باشا” والي “حلب” في العام 1297 هجرية 1881 ميلادية وهذا الكلام مدونٌ عليها، وقد رُسمت هذه المزولة على قرص دائري من المرمر الأبيض ضمن قرص دائري أكبر مصنوع من الحجر الأصفر وهي محاطة بسور صغير يمكن للناظر الوقوف عليه والنظر إليها، وعلى غطاء الساعة النحاسي كُتب وقت فتحها وكذلك وقت إغلاقها وهذا يدل على أنها لم تكن لعامة الناس وإنما كانت مخصصة لجماعة مؤذني المسجد».

وتابع الأستاذ “الصاري” متحدثاً عن أوصاف المزولة: «قرص المزولة الدائري مقسوم إلى نصفين /شمالي وجنوبي/ وذلك بواسطة خط يمر بالمركز يُدعى خط المشرق والمغرب، النصف الشمالي من القرص الدائري ويشكل الجزء الرئيسي من المزولة مرسوم فيه مستطيل ضلعه الكبير مطابق لقطر القرص الدائري ويقع في منتصف هذا الضلع المطابق لمركز القرص الدائري مؤشر المزولة الرئيسي الذي يُسقط ظله على أحد الخطوط الإثني عشرة المنقسم إليها المستطيل ليشير إلى ساعات النهار, وهذه الخطوط مرقمة من الساعة السادسة صباحاً إلى الساعة السادسة مساءً مروراً بخط منتصف النهار الذي يطابق
الساعة الثانية عشرة ظهراً /عند الإعتدالين الربيعي والخريفي/.

وبالنسبة لأقسام خطوط الساعات من التاسعة صباحاً إلى الثانية بعد الظهر فقد قُسّم كل جزء منها إلى ستة أقسام وذلك للحصول على دقة في التوقيت مقدارها عشر دقائق، أما أقسام خطوط الساعات الباقية فقد قُسّم كل منها إلى قسمين فقط أي بدقة نصف ساعة ويدل ذلك على الغاية الأساسية التي وُضعت المزولة من أجلها وهي ضبط وتحديد موعد صلاتي الظهر والعصر.

أما النصف الجنوبي من القرص فقد وُضعت فيه رسومات وبعض من آيات القرآن الكريم والرسم الأهم هو للكرة السماوية ولأهم خطوطها وُضع في مركزها مؤشر يدل على وقتي الظهر والعصر».

وختم قائلاً: «هذا وصف مختصر لهذه المزولة ونظراً لأهميتها التاريخية فسوف أقوم بتأليف كتاب عن المزاول الشمسية أتحدث فيه بالتفصيل عن هذه المزولة الرائعة».

وفي كتابه /علماء من “حلب” في القرن الرابع عشر/ يقول الأستاذ “محمد عدنان كاتبي” حول شخصية الشيخ “عبد الحميد دده” الذي صنع هذه المزولة بالقول: «الشيخ “عبد الحميد بن الشيخ حسن دده البيرامي” /1803 -1886 م/ عالم وفقيه وفلكي رياضي له معرفة كبيرة بعلم الحساب والهندسة والجبر والزايرجة*.

من أهم آثاره الباقية إلى يومنا هذا قرص من الحجر رسم فيه دائرة تعلم منها الأوقات /ساعة فلكية/ وهي ما تزال في صحن “الجامع الأموي” الكبير وقد أتم صنعها سنة 1297 هجرية، كما صنع نظير هذه الساعة للسلطان “عبد الحميد الثاني” سنة 1300 هجرية وُضعت في “قصر يلدز” في “استانبول” وقد أكرمه السلطان لهذا الصنيع وأجزل له العطاء».

* الزايرجة: الزايرجة أو الزائرجة هي علم بقوانين صناعية تستخدم للكشف عن الأمور المغيبة.

قصر ابن وردان

على أطراف البادية السورية وتحديدا إلى الشرق من مدينة حماة يتوضع قصر ابن وردان كأحد أبرز التحف الفنية والمعمارية في العالم التي تدهش الزوار والسياح وخصوصا في موسم الامطار حيث تنبعث منه روائح الورد العطرة .

يتيح القصر الذي بني من قبل الإمبراطور جوسنتنيان الأول قبل 1500 عام فرصة للاطلاع على تحفة معمارية فريدة ومتميزة من ناحيتين أولهما بناء جدران القصر من الطين الممزوج بماء الورد بحيث كلما هطلت الأمطار أو رش الماء على الجدران تنبعث روائح الورد العطرة المنعشة من القصر وهذه ظاهرة ما زالت موجودة حتى الآن كما يقول مدير آثار حماة عبد الرزاق فرزات ولو بشكل اقل عن الماضي والناحية المعمارية الثانية هي طريقة المواد المستخدمة في البناء والمختلفة كلياً عن المباني السورية في ذلك التاريخ حيث بني القصر من الحجر المختلط بالآجر الأحمر وهو يشابه بذلك طراز المباني الملكية في القسطنطينية.

والقائمون على القصر حاليا لايتقيدون بتواقيت فتح هذه التحفة أمام السياح لبعده وسط البادية فهم يتجاوبون مع كل السياح الذين يقصدون هذه التحفة اذ أن الوصول إلى القصر الذي يقع على بعد 60 كيلومتراً إلى الشرق من حماة يتم كما يشير مدير آثار حماة من طريقين للقادم من دمشق حيث يمكنه الانطلاق من العاصمة السورية باتجاه حماة ليأخذ طريق الحمراء ومن ثم إلى القصر أو يمكنه الذهاب من طريق السلمية ومن ثم الى القصر بنفس المسافة تقريباً.

ويتيح موقع القصر الذي يعتبر من أفضل مواقع البادية جمالا واعتدالا بالمناخ في مختلف فصول السنة فرصة لزواره للاستمتاع بطقس البادية وشمسها رغم غياب كل الخدمات السياحية الضرورية في هذه المواقع من مطاعم وفنادق ومحال غذائية.

و نجح مهرجان (ربيع حماة) الذي تنظمه المحافظة في نيسان من كل عام والذي غاب هذا العام نتيجة الاحداث التي تشهدها البلاد في إعادة الألق لهذه المنشأة الأثرية بعدما تم تخصيص يوم لزيارته ضمن أيام المهرجان كما نظمت عنده عدة سباقات للخيل والهجن يحضرها زوار المهرجان من الصحفيين والمدعويين.

ويتألف القصر من ثلاثة أقسام وهي..الكنيسة الكبيرة والقصر وهما سالمان إلى حد ما والقسم الثالث مبنى عسكري متهدم يسمى الثكنة تقع الكنيسة إلى الغرب من القصر وهي مستطيلة الشكل لها مدخل يعلوه عتب بازلتي يحمل كتابة يونانية تؤرخ البناء بعام 564 م.

وكانت مزخرفة بالفسيفساء الملونة ذات المكعبات الحجرية والزجاجية والآجرية.

ويشبهها الآثاريون بكنيسة سان فيتال في إيطاليا التي بناها أيضاً الإمبراطور جوستنيان كما يشبهونها بكنيسة آيا صوفيا في تركيا.

وما زالت فسيفساء جدرانها وأرضها وحنيتها موجودة حتى اليوم.

وكانت أرض الكنيسة مرصوفة بالحجارة والرخام على شكل زخارف هندسية جميلة. ويحمل عتب المدخل الجنوبي كتابة يونانية ترجمتها هذا الباب صنعه الله وسيدخله كل الصالحين.

ويعتبر القصر من أجمل المنشآت الثلاث فهو صليبي الشكل مساحته نحو 2000 متر مربع تتوسطه باحة سماوية مربعة بني بأسلوب الأبلق حيث تتناوب ثلاث حجارة بازلتية من النمط الأزرق مع الحجر المختلط بالآجر الأحمر ويتالف من طبقتين مبنيتين من الحجارة السوداء وألواح الآجر الكبيرة الأول يحتوي على صفين من الغرف وأروقة عرضانية بالجانبين ينفذ بعضها إلى بعض.

ويتصل بالأروقة صفان آخران من الغرف يلتقيان بصف آخر من الشمال فيحدث بالتقاء هذه وتلك فناء كبير ومصلب. أما سقوف الغرف فهي على شكل أنصاف قباب مفلطحة. وفيه مدخل هو عبارة عن رواق يمتد إلى الشمال له سقف معقود وسقف آخر نفقي ينفتح على الباحة الداخلية وإلى الجنوب من هذا المدخل يوجد بئر ماء أثري.

أما أكثر المنشآت الثلاث تعرضاً للخراب فهي الثكنة التي يقع مدخلها في الجهة الشمالية تعلوه حجارة كتب عليها باللغة اليونانية القديمة..(بنيت هذه الأسكفة في عام 873 -سلوقية – في العشرين من شهر كانون الأول من الخمس عشرية في شهر تشرين الثاني 561م) .

ولا يعرف حتى الآن سبب تسمية القصر بهذا الاسم لكن بعض سكان القرى المحيطة به أعادت تسميته إلى أحد شيوخ قبائل البادية التي سكنته في مراحل متأخرة.

وتقول الروايات إن أحد الأطباء نصح بزيارة القصر في موسم الأمطار للناس الذين يشعرون بالضجر والملل ويعانون من الهموم الحياتية أو حتى لمرضى الاكتئاب حيث تساعدهم الرائحة المنبعثة من القصر في التخفيف من أعراض الاكتئاب والعودة إلى الحالة الطبيعية.
http://www.sana.sy/ara/14/2011/11/07/380322.htm

الربوة قطعة رائعة من دمشق الخضراء لايختلف جمالها وسحرها عن باقي مناطقها وإنما تضفي على الجهة الشرقية منها المزيد من البهاء والدلال وهي تستلقي بثوبها الأخضر صيفا شتاء بين جبلين هما عنتر وجبل جنك وهو السفح الغربي لجبل قاسيون .

وعلى صخور الربوة المتداخلة مع الأماكن والمنتزهات القديمة والحديثة نقشت حكايات لاتنتهي عن أصالة أهل المنطقة وعاداتهم وذكرياتهم واسرارهم وكل من زارها أو حتى مر بها ومن بساتينها نشتم نفحات عطرة تعيد الأوكسجين إلى الرئتين فتنسي زائرها همومه ليستمتع بجمال الطبيعة فيها.

وارتبطت الربوة منذ القديم بعادات أهل دمشق وعشقهم للطبيعة والتنزه على جنبات بردى وفي بساتينها الغناء والاستمتاع بجوها المعتدل وخاصة في فصلي الربيع والصيف اما في الشتاء فعلى الرغم من برودة الجو إلا أن المتنزهات المنتشرة فيها على طول الطريق تجذب الدمشقيين والسياح لزيارتها.

يروي السيد عبد الكريم توتنجي تعلقه بالربوة وهو ابن الستين عاما منذ القديم حيث كان يزورها مع اهله وهو صغير كل يوم جمعة ليجلسوا في بساتينها ويقومون بشواء اللحم وتناول البطيخ الاحمر بعد أن يضعونه في مجرى النهر بين حجرين كبيرين ليبقى باردا عند تناوله .
ويشير توتنجي إلى أن الربوة قديما لم تكن فقط مقصدا للناس وإنما كانت طريقا للسفر إلى بيروت حيث يستريح المسافر في إحدى المتنزهات الشعبية والتي كانت قليلة جدا أو تحت فيء شجرة وارفة ليأخذ قسطا من الراحة قبل أن يتابع سفره ويأخذ معه الكثير من اللحظات الجميلة والرائعة والاصيلة وخاصة عندما يرى التفاف العائلات وفرحها بيوم النزهة وتعاونها في تحضير الطعام والجلسة.

وأضاف توتنجي أن الربوة اليوم امتدت بشكل أكبر على يمين الطريق ويساره كما توزعت المتنزهات على سفح الجبلين على امتداد الطريق ما أعطى فرصة أكبر للاستمتاع بمناظرها حتى في فصل الشتاء حيث أن أغلب المنتزهات اعتمدت النوافذ الزجاجية الكبيرة التي تمتد من الأرض حتى السقف ومن أولها حتى آخرها حتى يستمتع الزائر بغزارة نهر بردى التي تشتد في الشتاء إضافة إلى منظر الثلوج على سفوح جبليها الشامخين كلما تابعنا المسير باتجاه الزبداني والمناطق المرتفعة .

من جهتها تروي السيدة لينا بو ديب وهي لبنانية أنها تعودت أن تزور الربوة كلما جاءت إلى دمشق للاستمتاع بالجو اللطيف والأكل الطيب مشيرة إلى أن هذا المكان يذكرها بأصالة الماضي والعادات القديمة وخاصة بوجود العائلات الدمشقية الحريصة على توارث التقاليد الاجتماعية والتنزه في يوم العطلة على جنبات بردى وفي بساتين دمشق عموما إضافة إلى لم العائلة في الاعياد والذهاب إلى المنتزهات الشعبية لإعادة نكهة العيد أيام زمان إلى الوقت الحاضر.

وأضافت بو ديب أن الأسعار في المتنزهات مشجعة وتناسب الجميع تقريبا على عكس بعض الأماكن الأخرى ما يجعلها تستقطب أعدادا كبيرة من الدمشقيين اضافة إلى اللبنانيين وغيرهم .

بدورها قالت السيدة ليلى حلاق أنها من فترة لأخرى تأتي هي وأولادها وأخواتها إلى الربوة لتناول الفطور أو الغذاء وخاصة في الصيف الحار لقربها من دمشق من جهة ولجوها اللطيف والنظيف بعيدا عن الضجيج والازدحام حيث الطبيعة الخلابة والطعام الشهي من جهة اخرى.

وفي السياق ذاته تتناقل الحكايات قصة (اذكريني) دائما المرتبطة بمنطقة الربوة حيث تحكي قصة عاشقين دمشقيين فرق القدر والأحوال المعيشية بينهما فصعدا إلى قمة جبل وسطرا اسميهما الواحد بعد الآخر وانتحرا .

لعبت الخانات عبر التاريخ دوراً هاماً في حياة مدينة “حلب” الاقتصادية والسياسية والدينية فقد ساهمت بشكل فاعل في ازدهار التجارة وتطوير علاقات المدينة مع مختلف الدول.

موقع eAleppo التقى بعدد من زوار المدينة القديمة الذين تحدثوا عن أهمية الخانات ودورها في تاريخ “حلب”، “جيكر إبراهيم” مهندس معماري من حي “الأشرفية” قال: «إنّ وجود هذه الخانات وبهذا العدد الكبير دليل على أهمية المدينة من الناحية الاقتصادية والتجارية فموقعها المتوسط بين الشرق والغرب أعطاها مكانة مهمة في هذا المجال لتصبح أبرز المحطات الواقعة على طريق الحرير المعروف عالمياً.

ومن ناحية ثانية علينا أن لا ننسى الأهمية العمرانية لهذه الخانات التي تعبر عن الذوق الرفيع للمهندس الحلبي الذي ترك بصماته بكل حِرفية في بنائها لتكون شاهدة على الأهمية التاريخية للمدينة إلى جانب أهميتها التجارية كما قلت».

“لقمان عبدو” من حي “السريان” قال: «لا يمكننا الحديث عن عراقة “حلب” وقدمها بدون الحديث عن جزئها القديم الذي يضم عشرات الأسواق والخانات التي تعود إلى عهود غابرة والتي تشهد على تميز “حلب” من النواحي الاقتصادية والعمرانية.

حالياً تعتبر هذه الخانات مراكز جذب نشطة للسياح والدارسين والباحثين من مختلف بقاع الأرض للبحث والاطلاع على تاريخ المدينة، والكثير منها اليوم تقوم بوظيفتها الأصلية فهي ما زالت مراكز تجارية مهمة في المدينة يمارس التجار فيها نشاطاتهم الاقتصادية المعتادة كما في العهود الغابرة».

وحول الدور التاريخي للخانات يقول الدكتور “محمود حريتاني” المدير السابق لآثار ومتاحف سورية الشمالية: «في كل مكان وجد فيه لعب الخان دوراً متميزاً في عدة أعمال أهمها: التجارة بأنواعها والإقامة والسكن بالنسبة للجاليات الأجنبية والاستراحة للمسافرين والرحالة والحجاج وللتعارف بين القوميات والأجناس وتبادل الآراء /كالمؤتمرات التي تعقد اليوم في الفنادق/ وكذلك لمرور الباحثين والدارسين ولجوء عابري السبيل من الفقراء الذين كان لهم الحق في الإقامة فيها مجاناً طالما يحتاجون الإقامة أو بدفع مبلغ معين.

لقد أقامت الجاليات الأجنبية في خانات “حلب” منذ القرن 13م وكان لكل جالية طبيبها الخاص ومن أشهرهم “الأخوان راسل” اللذان وضعا كتاباهما الضخم عن “حلب” بعنوان
“تاريخ حلب الطبيعي” الذي طبع في لندن في العام 1756 و1794م وقد كانت إقامة هذه الجاليات في الخانات في صلب الاتفاقيات الدولية كاتفاقية الامتيازات المعقودة بين السلطان “سليمان القانوني” وملك فرنسة “فرانسوا الأول” في العام 1535م، كما كانت هذه الخانات مقر القناصل فمثلاً كانت لفرنسة قنصلية في “خان الجمرك” منذ أوائل القرن 16 وتبعها افتتاح قنصليات أخرى بلغ عددها تسع حتى مطلع القرن العشرين وكانت أول قنصلية انكليزية في مطلع القرن 17 في كل المشرق افتتحت مع تأسيس “شركة الهند الشرقية” في العام 1603م في “خان البرغل” وأول قنصلية هولندية كانت في العام 1607م، لقد عرفت الخانات أحياناً بأسماء الجاليات التي سكنتها مثل “خان البنادقة” و”خان الفرنسيس” وغيرها.

لقد زاد عدد الخانات حتى فترة متأخرة عن 150 خاناً بقي الكثير منها إلى اليوم ففي مركز أسواق المدينة هناك حوالي 27 خاناً، وفي الوقت الحالي لعبت دوراً فنياً معاصراً من خلال تصوير العديد من المسلسلات التلفزيونية وفي إحياء الحفلات كما في “خان الشونة”».

وختم: «”الخان” كلمة تركية مغولية وتعني “البيت الكبير” ويضم أسرة كبيرة أو عشيرة بفروعها ومنها اشتقت كلمة “خانة” وتعني منزل الإنسان وبلغة اليوم هي الحي الذي ينتسب إليه وسجلت ولادته فيه ثم تفرعت الكلمة إلى “الرئيس الكبير” مثل “جنكيز خان” و”همايون خان” وإلى استعمالات أخرى أهمها “كارفان سراي” أي “مكان القوافل” وهذا تعريف أطلقه الأوربيون على “الخان”».

المهندس “عبد الله حجار” وهو باحث أثري ومستشار جمعية العاديات للفترة الكلاسيكية يقول عن الخانات ودورها: «الخانات هي مكملة للأسواق ويعود أقدم ما تبقى منها إلى أيام المماليك، و”الخان” يتألف من باحة واسعة قام في وسطها المسجد للصلاة وأحاطت بالباحة وعلى طبقتين الغرف والحوانيت العديدة يصعد إلى الطبقة العلوية بدرج غالباً ما يكون قرب المدخل الرئيسي للخان وقد خُصصت لإقامة التجار بينما كانت البضائع تعرض في الطبقة السفلية
وقد فُرض على قناصل الدول الأجنبية والتجار الأجانب الإقامة في هذه الخانات أيام الحكم العثماني ولذلك تتميز الطبقة العلوية منها بوجود قاعة واجهتها مزخرفة بالنقوش الجميلة غالباً ما تكون فوق مدخل الخان الرئيسي تطل على باحتها الداخلية فيراقب منها القنصل مصالح تجارته وتجارة الدولة التي يمثلها.

عندما يُغلق مصراعا باب “الخان” الكبير المخصص لدخول الجمال والبضائع يُفتح باب صغير يسمى “خوخه” يتم من خلاله دخول الناس وخاصة عند المساء».

ويضيف: «من أهم خانات الفترة المملوكية بحلب “خان الصابون” الذي يتميز بواجهته مدخله الرائعة برنوكها وكتاباتها وتشابك رسومها و”خان خاير بك” ومدخله الجميل و”خان أبرك”، أما خانات الفترة العثمانية فأهمها “خان الجمرك” و”خان الوزير” و”خان النحاسين” الذي يضم “دار آل بوخة” و”خان العلبية” وكانت تسكنه عائلة “ماركوبولي” و”خان الحبال” و”خان البرغل” و”خان التتن الصغير” /القديم/ و”الكبير” و”خان الطاف” و”خان عمر شاهين” /فيلكروز/ وسواها.

ولا بد هنا أن نذكر القيساريات التي كانت تنتشر في الأسواق وقرب الخانات وهي عبارة عن أبنية شبيهة بالخانات وعلى حجم أصغر وهي تضم أصحاب المهنة الواحدة وأهل الصناعة للأحذية و”الفرّابين” و”الصبّاغين” و”الدبّاغين” و”الحكّاكين” وسواهم.

لقد أقام القناصل والجاليات الأجنبية في الخانات وسُمح لهم بتحويل إحدى الغرف إلى معبد صغير لممارسة شعائرهم الدينية أو الصلاة في “كنيسة الموارنة” وهي الكنيسة الوحيدة في “حلب” وكان هناك كنيسة صغيرة في “خان الحبال” يرعاها الآباء اليسوعيين وأخرى في “خان أبرك” /”القصابية”/ يرعاها الآباء الكبوشيون وبالإضافة إلى الكنيسة التي كان يرعاها رهبان الكرمل للجالية الفرنسية في “خان الجمرك” وكان هناك معبد للجالية الانكليزية يرعاه رجل دين انكليكاني في العام 1599م».

وحول تأثير الخانات في العمارة الحلبية قال: «عند إحداث بلدية “حلب” في العام 1868م والبدء بالبناء في حيي “العزيزية” و”الجميلية” حسب التخطيط الأوربي الذي تبنى شوارع بعرض 13 و16 م والذي لم يعد يعتمد كثيراً مخطط البيت التقليدي من حيث

وجود صحن الدار والإيوان وقاعة الاستقبال على شكل حرف T المقلوب كما هو الحال في بيوت حي “الجديدة” الشهيرة مثل “بيت وكيل” و”باسيل” و”صادر” و”وأجقباش” وسواها فقد قام مالكو هذه الدور وهم من الطبقة البرجوازية والتجار الأغنياء الذين كانوا يعملون مع القناصل والتجار الأوربيين غالباً كمترجمين أو وكلاء قاموا ببناء دورهم الجديدة على نمط مخطط سكن القناصل في الخانات ولعل أقدم دار لا زالت قائمة في “العزيزية” هي “دار الخوري” /”مدرسة الزنابق” حالياً/ ويعود بناؤها إلى العام 1869م وهكذا نجد وبشكل واضح تأثير مخطط السكن الذي اعتمده القناصل في الخانات في تخطيط أبنية “حلب” المنشأة في كل من حيي “العزيزية” و”الجميلية” الحديثين».